.
كتاب تلخيص المطالب العالية لأفضل الدين الخونجي
#نبذة عن الكتاب:
بسم الله الرحمن الرحيم
تقديم بقلم العلامة الحجة المتكلم النظار
الأستاذ الدكتور حسن الشافعي
لكتاب (تلخيص المطالب العالية) لأفضل الدين الخونجي
بتحقيق الأستاذين: أ. د/ عبد الله محمد إسماعيل، د/ محمد ضرغام
فبعد حمد لله، والصلاة والسلام على رسل الله، وخاتمهم محمد بن عبد الله، ومن أحبه وولاه، وبعد:
فإني أكتب هذه السطور، ترحيبًا بصدور هذا العمل، الذي يتناول نصًّا من نصوص الإمام الرازي – رضي الله عنه – شيخ مدرسة المتكلمين الأشاعرة، في مطلع القرن السابع الهجري/ الثالث عشر الميلادي، ولم يكن – رحمه الله – في عصره شيخًا للأشاعرة فقط، أو المتكلمين فحسب، بل كان إمامًا للعلوم العقلية كلها بوجهٍ عام، فضلًا عن إنجازاته الكبرى في العلوم الشرعية؛ كالتفسير، وعلوم القرآن، وأصول الفقه، والفقه الشافعي.
والعجيب أن هذا “الإمام” الذي إذا أطلق هذا اللقب انصرف إليه دون تنبيه، وجد الوقت والدوافع ــ مع انشغال حياته بالمجادلات والمحن ــ ليدرس الفلسفة المشائية التي واجهها قبل – في صرامة – الإمام الغزالي الأشعري، دراسةً مستفيضة إلى حدٍ كبير، كما تدل على ذلك أعماله في هذا المجال أيضًا، وفي مجال الدراسة المقارنة بين الكلام والفلسفة المشائية.
وإني لسعيد غاية السعادة، أن يكون هذا النص، الذي أرحب به بهذه الكلمات، هو النص الثالث للإمام الرازي، خلال العام الحالي، وعلى أيد علماء أزهريين، يشغلهم تراث أمتهم المترامي الأطراف، ويهمهم ما تموج الساحة الفكرية لدينا في مصر – ومنها في العالم العربي والإسلامي- من دعاوى القطيعة مع هذا التراث المتخلف البغيض، أو مزاعم تنقيته عما شابهه، أو غلب عليه من فكر مريض، أو شعارات تجديده أو تطويره، دون الإلمام الجيد به، والتفهم له، بمنطقه الخاص، وروحه المميزة، ورسائله المعروفة؛ وأهمها: إتقان العربية، وأصول الفقه، والمنطق، وعلوم القرآن والحديث.
هل ماتت “الفلسفة” والفكر العقلي الحر، بعد هجمة الغزالي، وموت أبي الوليد ابن رشد؟ هذا هو خليفة الغزالي، يشرح “الإشارات”، ويكتب في المنطق أكثر من كتاب، ويلخص أفكار المتقدمين والمتأخرين، ويرنو للمطالب العالية السامقة من وراء ذلك.
نعم، بروح نقدية، ربما أسرف فيها أحيانًا ــ كما لاحظ خليفته في رياسة الأشاعرة والدراسات العقلية سيف الدين الآمدي، في “كشف التموهيات”، ولكن النقد هو روح الفلسفة، وعماد التطور، دليل الحرية.
ويعد كتاب “المطالب العالية”، في الدراسات الرازية، ذا مكانة خاصة، لـتأخره نسبيًّا، ولاستيعابه توجهات “الإمام” وآرائه الخاصة، التي كان دائم التنقيح لها، حتى ظن بعض دارسيه أنه لا يثبت على رأي، وقد ينتقل أحيانًا من النقيض إلى النقيض، ولكنهم يلاحظون ــ في الوقت نفسه ــ أن ذلك مقصور، على مسائل الاجتهاد المتغيرة، وإنه برهان صدق على إخلاص الرجل في طلب الحقيقة، والخضوع لسلطان الدليل، دون جمود أو تعصب.
ولمكانة هذا العمل من إنتاج “الإمام”، حرص العلماء بعده على دراسته ونقده، وهذا ما فعله الآمدي (631هـ) شيخ الأشاعرة بعد الرازي- كما أشارنا من قبل- فالقوم ينفتحون على النقد لا يحول المذهب دونه بل يحض عليه، كما عُنِيَ به أفضل الدين الخونجي، الذي تولى قضاء مصر، بعد سلطان العلماء العز بن عبد السلام، تلميذ الآمدي سيف الدين، الذي خلفه في تصدر العلماء بمصر والشام. وحلول الخونجي محل العز في مصر ــ يفسر لك اهتمام مؤرخ الفكر الإسلامي العبقري ــ وهو أيضًا أشعري ــ ابن خلدون به وبجهوده المنطقية، التي تابع فيها شيخه الإمام الرازي، وسادت المشهد التعليمي بعد ذلك.
ولما كان الخوانجي ــ وهي تُنطق الخانجي أو الخانكي ــ كأثير الدين الأبهري، والأرموي، وغيرهما ــ تلميذًا مباشرًا للإمام الرازي، فقد اختار واسطة العقد من أعماله، وتوفَّر عليها بالتلخيص والتهذيب، والتنقيح والتقريب لجمهور القراء، بل لم يتردد أن يضيف إليه بعض الحلول لتساؤلات تركها الإمام مفتوحة للاجتهاد – فجزاه الله عنا وعن شيخه خير الجزاء.
والشكر موصول للمحققين الكريمين، وفي صحبتهما معنى نبيل، لتضافر أهل العلم، من الأزهر والجامعات المصرية الأخرى، وهو نموذج في التعاون العلمي، نرجو أن يتنامى ويزدهر.
كما أدعو للناشر الكريم الشيخ عبدالعظيم إبراهيم عبدالحليم رئيس مركز إحياء للبحوث والدراسات بمزيد التوفيق لخدمة العلم والفكر في ظل الأصالة والمعاصرة، والله يقول الحق، وهو يهدي السبيل.
بقلم
الأستاذ الدكتور/ حسن محمود عبد اللطيف الشافعي
عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف
Reviews
There are no reviews yet.